موقع إنباء الإخباري ـ
ماجدة ريا:
إن تخصيص يوم محدد للمرأة من أجل الإحتفال به ـ والذي هو الثامن من آذار من كل سنة ـ لا يعني أبداً أن المرأة يمكن اختصارها بهذا اليوم، كما كل المناسبات الأخرى، فلا يمكن اختزال عطاء المعلم بيوم واحد، ولا أي مناسبة أخرى لها رمزية مكوّن من مكونات الحياة المجتمعية التي نعيشها.
وإنما يخصص هذا اليوم للإحتفال بهذ الشخصية من أجل تكريمها، ومن أجل التوعية، ومن أجل الإضاءة على موضوع المرأة بشكل عام.
فإذا ما نظرنا إلى نشأة هذه المناسبة، سنجد أنها جاءت نتاجاً لتحركات نسوية في بلاد الغرب، بسبب الضغوطات التي تعيشها المرأة، ونخص بالذكر هنا المرأة العاملة، من أجل لفت نظر المجتمع إلى معاناتها، ودراسة وضعها، ووضع القوانين التي تتناسب معها كامرأة، بعدها قررت منظمة الأمم المتحدة أن توافق على تبني تلك المناسبة سنة 1977، عندما أصدرت المنظمة الدولية قراراً يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار الثامن من آذار/ مارس، وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة.
ومن المعلوم أن وضع المرأة يحتاج إلى مراعاة أكثر بكثير من وضع الرجل، لأن المرأة هي الأم، ولذلك فهي تمر بمراحل على المجتمع أن يلحظها، ويؤمن لها القوانين التي تتناسب مع طبيعتها كامرأة والتي تعينها في حياتها.
مجتمعاتنا العربية ما زالت تعاني من قصور كبير في هذا المجال، ومقابل ذلك فإن المرأة في المجتمع العربي تعاني من الضغوط أكثر بكثير من أي مجتمع آخر. ففي ضوء الحروب والنزاعات التي تفتك بهذا المجتمع، وجدت المرأة نفسها أمام مسؤوليات جسام وكبيرة.
فهي الأم التي تودّع زوجها أو ولدها كل يوم، وهي التي تشارك في تحمل مسؤولياتها خلف الجبهة المفتوحة والتي حوّلت الكثير من النساء إلى أرامل وثكالى، يحتجنَ للعون والمساندة كي تستمر الحياة.
وهي التي في كثير من الأماكن تتحمل معاناة التهجير، وحمل عبء جديد، ومسؤوليات عظيمة.
يضاف إلى كل ذلك، الوضع الإقتصادي والمعيشي الضاغط على شريحة كبيرة من المجتمع، ما يدفع المرأة إلى العمل لجلب مدخول إضافي يعين الأسرة.
كثيرة هي الظروف التي جعلت المرأة مضطرة إلى مقارعة الحياة، ودخول معترك العمل بسبب الفاقة والعوز، وإن كان البعض منهن يعملن من أجل تحقيق أهدافهن وطموحاتهن، وهذا حقهن الذي لا يمكن مفاوضتهن عليه.
فالمجتمع يحتاج إلى عمل المرأة، وفي كثير من المواضع يكون تواجدها ضروري، ويحتاجه المجتمع، ولكن هذا المجتمع ما زال في مواضع كثيرة يغفل عن مراعاة حقوق هذه المرأة التي تبذل جهوداً عظيمة من أجله.
هذه المناسبة أيضاً هي مفتاح دعوة لكل أنثى، أن كوني ذاتك، ولا تكتفي بما يُقدَّم لك، انما ابحثي وتثقفي، واطّلعي لتكوني المرأة التي يحتاجها المجتمع، فهذا العصر هو عصر العلم والمعرفة، وإذا عرفتِ حقوقك وواجباتك جيداً، تكوني قد بدأتِ بسلوك الطريق الصحيح.
يقول الفيلسوف سقراط: عندما تثقف رجلا تكون قد ثقفت فرداً واحداً وعندما تثقف امرأة فإنما تثقف عائلة بأكملها”
وأضيف عندما تثقف العائلة تكون قد ثقفت المجتمع بأكمله، وعندما يتثقّف المجتمع كما ينبغي يستطيع تجاوز الكثير من المشكلات.
والتغيير يأتي من المرأة أولاً، عندما تمتلك قابلية أن تصبح الإنسانة المثقفة، الواعية، القادرة، وعندما تجد لنفسها الدور المناسب للنهوض بهذا المجتمع جنباً إلى جنب مع الرجل.
في هذه المناسبة، أتقدّم من كل امرأة ومن المجتمع الذي لا يمكن أن نفصل المرأة عنه بأحر الأماني والتبريكات، على أمل النهوض بهذا المجتع والارتقاء به كما ينبغي، وكل عام وأنتم بألف خير.