موقع إنباء الإخباري ـ
ماجدة ريا:
14 آب 2006، وهل لنا أن ننسى هذا التاريخ؟
مع فجر هذا اليوم توقّف العدوان الصهيوني على لبنان عامة وعلى المقاومة خاصة، وتوقفّت أعمال القصف الهمجي، بعد ثلاثة وثلاثين يوماً، كانت هي الأقسى بين كل الحروب الصهيونية التي شنّها العدو الصهيوني على بلادنا، إذ استعمل فيها ما يسمى بـ “القوة المفرطة”، دون رحمة بحجر أو ببشر، أي القوة التي لا تبقي ولا تذر، وكانت أكبر حالة تدميرية وصلت اليها الحرب بحيث أن هنالك مناطق للمقاومة سوّيت بالأرض، ولم يبقَ فيها حجر على حجر، بغية إرعاب الناس، وكان المقصود تدمير بيئة المقاومة كلياً، وفك التفاف الناس عنها.
وأكثر ما كان يصدم مراسلي الإعلام الأجنبي عندما يقدمون تقاريرهم من قلب الحدائق العامة والمدارس وكل الأماكن التي هُجّر إليها الناس أنهم كانوا يرددون عبارة أصبحت شهيرة: “فدا إجر السيد، فدا المقاومة”، فأمام دماء الشهداء كان الأهالي يخجلون من خسارة بيت قد دمر.. ويقولون لو نستطيع تقديم دمائنا لن نتأخر!
وفي المقلب الآخر، كان الصهاينة يذوقون بأس المقاومة، إذ وصلت صواريخها لأماكن بعيدة تصلها لأول مرة، فعاشوا من الرعب ما لم يعيشوه قبلاً، وبات الاستمرار بالحرب يؤدي إلى مفعول عكسي عليهم، وفي الوقت الذي كانت ترتفع فيه معنويات أهل المقاومة رغم كل ما جرى عليهم، كان الصهاينة في حالة بؤس وتشتت، وضياع للأهداف، الأمر الذي أدى إلى وقف الحرب دون أن يحقق العدو ولو هدفاً واحداً، وعلى العكس لقد خرجت المقاومة أقوى بكثير، بعد أن أذاقت العدو من الويلات ما لم يذقه قبلاً، وفرضت معادلة جديدة، تجعل العدو يفكر ألف مرة قبل الإقدام على أي تهور غير محسوب النتائج.
14 آب 2006 كان الدمار يلف مناطق كثيرة، خاصة المناطق الجنوبية، وبقايا القذائف متناثرة هنا وهناك، ومع ذلك، فإن أرتال السيارات التي انطلقت نحو الجنوب لا توصف، والأعلام الصفراء ترفرف عالية مترافقة مع زغاريد الفرح، فالشعور بكسر شوكة هذا العدو المتغطرس لا يمكن التعبير عنه، ويعطي من السعادة والإطمئنان الروحي ما يجعل الناس تنسى ألم تدمير بيت، أو فقد حبيب.
الناس في عرس حقيقي، وقد قرروا العودة مباشرة إلى أرزاقهم، ليبدأوا رحلة الإعمار من جديد، وتتحوّل أحداث الأيام الثلاثة والثلاثين إلى حكايا، تروى في جلساتهم، وما زالت تروى إلى اليوم، وتحوّلت لحظات الخوف التي عاشوها آنذاك إلى ابتسامات طمأنينة تشع عليهم في كل محطّات حياتهم.
لم يعد ذاك العدو المتغطرس يخيفنا، بل هو لم يخِفنا أبداً، فنحن قوم لا نخاف إلا من الله، ولطالما كان الحامي والكفيل، حتى عندما كانت الحرب تطحن برحاها الأخضر واليابس، كان الجمع يوطّنون أنفسهم على نيل الشهادة، وهل أجمل من الشهادة في سبيل الله على يد أعتى عدو عرفه التاريخ؟
اليوم يعيش الناس سعادة غامرة، وطمأنينة كبيرة بقوة المقاومة ، أعزّاء بعزتها، وهي اليوم أقوى من أي يوم مضى.
اليوم مع ذكرى 14 آب 2006، نقف إجلالاً لكل قطرة دم سالت من أجل حماية هذا الوطن، كل التحايا والسلام للشهداء الأبرار، وللشهداء الأحياء “الجرحى” الذين ما زالوا يحملون آثار جراحاتهم كشاهد على تلك المرحلة العصيبة التي تخطيناها بسلام بفضل الدماء الزكية.
اليوم يعيش العدو مرحلة خوف وإرباك، بينما نحن ما زلنا ننظر إلى قوس النصر المهدى من السماء.