الطبقة السفلى من الغلاف الجوي والتي تسمى التربوسفير هي الطبقة التي تحدث فيها معظم التغيرات الجوية وهي موجودة فوق سطح الأرض.
في وقتنا الحاضر يعتبر تلوث الهواء من أهم المشاكل البيئية التي يواجهها العالم في هذا العصر خاصة وأنه نتيجة لدورة الهواء العامة أصبح التلوث ظاهرة عالمية تشمل كامل الطبقة السفلى من الغلاف الجوي وأن حوالي سدس سكان العالم يتنفسون حالياً هواء ملوثا .
يعتبر الدكتور محمد وليد كامل ( باحث علمي وكاتب من سوريا ) “أن الجو يتركب من كتل هوائية ذات خواص متباينة ، وتحمل كل كتلة هوائية خواص المكان الذي تجتازه في رحلتها خلال زمن ما ، وتشمل هذه الخواص الحرارة والرطوبة والكثافة وتركيز غازات الدفيئة ( ثاني أوكسيد الفحم والميثان ) ويرتبط تطور هذه الخواص بدورة الأرض اليومية وكذلك بدورتها السنوية .”
منذ القدم كانت ظاهرة تلوّث الهواء موجودة ، إلا أن البيئة كانت قادرة بقواها الذاتية على امتصاص التلوث واحتوائه وتنقية ذاتها بذاتها ، ما دامت حالة التلوث الناتجة محدودة في كميتها وعناصرها ، إذا ما قيست بالكمية والنوعية الناتجة منذ عصر الثورة الصناعية حتى الآن .
ومن المعلوم أن حالة الجو تزداد سوءا عاما بعد عام في جميع أقطار العالم باعتبار أن تلوث الهواء لا يعترف بالحدود السياسية والجغرافية بين الدول .
إن الهواء الطبيعي يحتوي عادة في مكوناته على العديد من الملوثات الهوائية مثل (غازات ثاني أكسيد الكربون والميثان وبخار الماء والأوزون وغيرها ) ولكنها موجودة بتركيز ملائم لا يؤثر سلباً على الإنسان بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، ولكن ما يثير قلق العلماء اليوم بحسب رأي الدكتور رشدي سعيد ( عالم مصري ومستشار للجيولوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية ) ” أن نسبة الكثير من هذه الغازات قد زادت أخيرا نتيجة الزيادة الكبيرة في النشاط الإنساني بمعدّلات لم تستطع الطبيعة أن تمتصّها . ويعتقد الكثير من العلماء أن زيادة هذه الغازات في جو الأرض سيؤدي إلى ارتفاع درجة حرارتها” كما أن هذه الزيادة تصبح مصدر ضرر كبير للإنسان ولكافة الكائنات الحية .
توجد مصادر متعددة لتلوث الهواء منها ما هو طبيعي لا دخل للإنسان فيه كما أنه لا قدرة له بالتحكم بصدور مثل تلك الملوثات . والأضرار الناتجة عنها عادة لا تكون جسيمة ، نذكر منها :
– غازات ثاني أكسيد الكبريت ، فلوريد الأيدروجين المتصاعدة من البراكين المضطربة .
– أكاسيد النتروجين الناتجة عن التفريغ الكهربي في السحب الرعدية.
– كبريتيد الأيدروجين الناتج عن انتزاع الغاز الطبيعي من جوف بسبب البراكين أو تواجد البكتريا الكبريتية .
– غاز الأوزون المتخلق ضوئيا في الهواء الجوي أو بسبب التفريغ الكهربي في السحب.
– تساقط الأتربة المتخلفة عن الشهب والنيازك إلى طبقات الجو السطحية .
– الأملاح التي تنتشر في الهواء بفعل الرياح والعواصف وتلك التي تحملها المنخفضات والجبهات الجوية وتيارات الحمل الحرارية من التربات العارية .
– حبيبات لقاح النبات .
– الفطريات والبكتيريا والميكروبات المختلفة التي تنتشر في الهواء سواء كان مصدرها التربة أو نتيجة لتعفّن الحيوانات والطيور الميتة والفضلات الآدمية .
– المواد ذات النشاط الإشعاعي كتلك الموجودة في بعض تربات وصخور القشرة الأرضية وكذلك الناتجة عن تأيّن بعض الغازات الجوية بفعل الأشعة الكونية .
إضافة إلى الحقول الطبيعية ، تتعرّض الأرض كما يقول الدكتور حازم صابوني ( أستاذ في جامعة دمشق سابقا ) ” إلى إشعاعات شمسية وكونية بعضها ذات طاقات عالية تؤدي إلى تشرّد(تأيّن) الهواء، إلاّ أن معظم هذه الإشعاعات يتم امتصاصها في طبقات الجو العليا ، وتحتوي بعض المكامن الجيولوجية على خامات مشعّة تؤدي بدورها إلى تأيّن الهواء” .
وهناك مصادر غير طبيعية لتلوّث الهواء وهي التي تنشأ بفعل الإنسان ويمكنه التحكّم فيها بزيادة كمّية الملوّثات أو بخفضها ، وهذه المصادر تثير الكثير مما لا يمكن حصره من مواد ملوّثة وروائح كريهة وضوضاء معظمها ضار بأشكال الحياة المختلفة لأنها حديثة التواجد في الهواء وتغيّر كثيراً من المواصفات والخصائص المعتادة لبيئة الإنسانية . ومن أهم هذه المصادر:
_ استخدام الفحم والغاز الطبيعي والمواد والمشتقّات النفطيّة كوسيلة للوقود في الصناعات والحرف المختلفة ومصادر القوى والأغراض المعيشية المختلفة . نذكر هنا قطاع الكهرباء وما له من دور كبير في تلويث الهواء لأن إنتاج الطاقة الكهربائية بواسطة المعامل الحرارية يؤدي إلى انبعاث أنواع عدّة من الغازات الملوّثة ذات الانعكاسات السلبية على الصعيدين المحلي والعالمي .
_ الحرف والصناعات المختلفة .
_ وسائل النقل البري والبحري والجوي . ويعتبر قطاع النقل مصدراً لنحو 70% من الغازات الملوثة الموجودة في الهواء ، وخاصة غاز أول أكسيد الكربون والغازات الهيدروكربونية وغاز الأوزون ، إضافة إلى مادة الرصاص التي تنبعث عند استخدام البنزين المحتوي على هذه المادة السامة.
_ النشاط السكاني ويتعلّق بمخلّفات المنازل من المواد الصلبة والسائلة وكذلك كثرة استخدام المبيدات الحشرية والمذيبات الصناعية .
_ النشاط الزراعي وكثرة استخدام المواد الكيماوية المختلفة في أغراض التسميد والزراعة .
_ النشاط الإشعاعي بسبب التفجيرات الذرّية واستخدامات الطاقة النووية في الأغراض السلمية .
طبعا مشكلة تلوّث الهواء هي مشكلة بيئية تسترعي اهتمام العلماء وخبراء البيئة بشكل كبير لما لها من أثار سلبية على الإنسان وعلى كافة الكائنات الحية بشكل عام ، سنعرض لهذه الآثار وسبل العلاج المقترحة في الموضوع القادم ان شاء الله تعالى.
ماجدة ريا
عدد الزوار:3026
موضوع رائع ومهم
شكراً لك عزيزي حسن