فتح الصباح عينيه على سماء شاحبة، وأجواء يلفّها لون لم يستطع تحديده بين الأبيض والرمادي، لون طغى على كل شيء حتى كأنه لم ير البيوت التي ما زالت ترسخ مكانها، ولا الطرقات التي تغص بحركة كثيفة من العابرين رغم ظهورها للعيان.
فقط شيئ واحد استجدّ على رؤيته المشوّشة، وهو لمعان شديد خطف الأنظار تبعه ذلك الصوت الحاد الذي اخترق المسامع، وانفجرت السماء في بكاء عنيف، كأنها الحبال امتدّت من السماء إلى الأرض، فاستحمّت الطبيعة، واغتسل كل شيء حتى علقت عليه ذرّات المياه.
وبعد برهة من الزمن، ظهر شيء كان مازال الصباح يتساءل عن غيابه، اين هو ذلك القرص الذي طالما أشاع علينا حنان دفئه، وجمال نوره؟
أرسل قرص الشمس إشعاعاته المتماوجة، المليئة بالنور، فانتبهت الكائنات إليه وكأنها تراه للمرّة الأولى، كان ضياؤه متميّزاً بلون ذهبي حاد كشف ذلك الشحوب دفعة واحدة، وأنار القلوب بالنور والدفء، عندها التفت الصباح إلى قرص الشمس متسائلاً:
” هل إشعّتك التي أرسلتها الآن فيها شيء مختلف؟!”
كان وجه الشمس يرقب تعابير الصباح، فيبتسم برفق له، ويبقى منصتاً لتلك التساؤلات الغريبة، فتابع الصباح تساؤله:
” في فصل الصيف، رغم أن أشعتك متواصلة لنهارات طويلة، ورغم دفئها الشديد، لا أشعر بها بمثل هذا الوضوح وهذا الجمال؟”
تجيبه الشمس بدفء حنانها:
” أشعتي هي هي، في الصيف وفي الشتاء أيها الصباح الجميل، لكن ربما لأنني أكون في فصل الشتاء أقرب إلى الأرض؟”
صمتت لبرهة ثم تابعت:
” أو ربما لأن هناك من يزاحمني على فترات النهار، أقصد الغيوم التي تحجبني، ولا تدري تلك الغيوم أنها لئن حجبتني على كثافتها فإنها تزيدني رونقاً وجمالاً عندما أظهر ثانية؟”
أجاب الصباح:
” ربما!”
وانتبها معاً إلى صوت آت من حولهما، دقّقا فيه، فإذا هو صوت حبّات المطر وهو يقول :
” وربما هذا أنا الذي أعكس تلك الأشعة بشكل جميل، بعد أن علقت على كل شيء وغسلت كل شيء، فأصبغت شيئاً من الجمال والوضوح على أشعتك أيتها الشمس؟”
ابتسما معاً لقطرات الماء وقالا لها :
“ربما!”
كتبت بتارخ 21/11/2007
ماجدة ريا
عدد الزوار:2494