بقلم ماجدة ريا:
لم يكن من قبيل الصدفة إعلان مناورات روسية بشكل مفاجىء وغير معلن عنه مسبقاً، وإذا كان صدفة فهي صدفة سعيدة.
لم يعد خاف على أحد أن الولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ أمد بعيد تتصرف على أساس الأحادية القطبية في السياسة الدولية، وأنّها تسعى لفرض هيمنتها على العالم بأسره لتبقى القطب الأقوى عالمياً، مستخدمة في ذلك كل الوسائل والطرق المشروعة وغير المشروعة من أجل تنفيذ هذه الغاية، وغير آبهة لأية حسابات أخرى.
فمن استغلالها لتحالفاتها المشبوهة مع الدول، إلى استغلالها للشعوب المقهورة والمحرومة، إلى استغلالها لمقدرات الدول _ ما استطاعت إلى ذلك سبيلا _ من خلال الترهيب، أو استدراج الآخرين، إلى وضعها اليد على مجلس الأمن الدولي، الذي كان الهدف من انشائه حماية الدول، وعدم انتهاك القوانين، وبات هو من يشرع كل القوانين المشبوهة التي تخدم تلك الأحادية القطبية.
وكان بارزاً في السنوات الأخيرة أن هذه الأحادية القطبية بدأت تهتز على وقع الفشل الذريع للسياسات الأمريكية المتتالية، من أفغتنستان، إلى العراق، إلى باقي الدول، والفشل الأكبر هو في كسر هيبة العدو الصهيوني من قبل المقاومة الإسلامية في لبنان، كل ذلك جعل الولايات المتحدة الأمريكية في موقف لا تحسد عليه، ولكن هل تعلن الإستسلام؟
بات من الواضح أن كل مايحدث في سوريا، ومع كل ذلك الدعم الغربي، والصهيوإمريكي _ لما يسمّون أنفسهم معارضة _ له هدف واحد، هو إضعاف محور المقاومة، وإعادة الإعتبار لذلك العدو الصهيوني الغاشم.
قبيل انعقاد القمة، كنا نسمع عن تقارب أمريكي روسي، وعن قرب التوصّل لتسوية ما حول الوضع في سوريا، وكانت أمريكا غالباً ما تغامر بتلفيق الأكاذيب من أجل التأثير على الموقف الروسي من جهة، والضغط على سوريا الدولة من جهة أخرى، وكان ذلك يبوء بالفشل، وكلنا يعلم الموقف الروسي القوي _ إضافة إلى دول وازنة أخرى منها الصين وإيران _ هذا الموقف الذي منع ولا يزال التدخل العسكري المباشر وإن كانوا يتدخلون بشتى الطرق والوسائل من خلال مدّ المعارضة بالمال والسلاح والمرتزقة، والموقف الإعلامي الذي يزيف الحقائق من أجل تحقيق المكاسب.
جاءت القمة العربية، وظهر الحقد العربي والدولي أكثر تبلوراً ، وبات من الواضح أن ما تتحدثه الدبلوماسية الأمريكية، هو غير ما تشير به إلى أصابعها العابثة في المنطقة، وجاءت القمة لتقول أن الأمر ينحو منحى تصعيدياً، فمنحت المعارضة السورية المقعد السوري في الجامعة العربية، وجاء الإستهداف لقلب دمشق بضرب الجامعات والمستشفيات والمرافق العامة، هي ضربات المفلس التي تقتل الأبرياء، وتنفث نار حقدها في كل اتجاه، تجاه العلم والمتعلمين، والضعفاء والمساكين دون أن يرف لهم جفن…
تصعيد خطير، ولكن الرد جاء سريعاً وفي أكثر من مكان، فإعلان المناورات الروسية في هذا التوقيت هو رسالة واضحة للولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الحلفاء نحن هنا ومستعدون.
كوريا الشمالية بدورها تعلن موقفاً حاداً وتهدد القواعد الأمريكية في كوريا الجنوبية، وتعطي الإشارة لجنودها ليكونوا في أتم الجهوزية للضغط على الزناد، هي رسالة أخرى تقول لهذه الأحادية الحمقاء، لأمريكا وحلفائها، لا تظنوا أنكم بمواربتكم تستطيعون أن تبقوا العالم على صمته، فزمن الصمت قد ولّى، ويجب أن تكفّوا عن وحشيتكم وسياساتكم المراوغة والكاذبة والفاشلة، وإلا فإنه لا بد من وضع حد لهذا الغلو ولهذه العنجهية المتوحّشة في قيادة العالم، حتى لو كان ذلك بمواجهة عسكرية عالمية لا تبقي ولا تذر، ربما عندها تُرسم ملامح العالم من جديد.
عدد الزوار:2286