التشظّي
ماجدة ريا ـ
تجمّدت الريشة بين تلك الأصابع النحيلة، وقد رفعت الفتاة بصرها في اللوحة التي بين يديها، زاغ البصر يبحث عن مرسى فلا يجد، ولا يستطيع حبس رطوبة تسلّلت إلى تلك المآقي، وأبت أن تنحدر.
لسعة باردة أرادت أن توقظ جمود أفكارها، لكن ذلك الجمود احتاج إلى سخونة شديدة لكي يسيل، فلا يبقى متحجّراً، ثابتاً عند تلك النقطة من الزّمن.
“كيف حدث هذا؟! ومن الذي أحدث هذا الإنفجار العنيف بين الألوان؟!، منذ لحظات فقط كانت اللوحة في كامل تناسقها، إلى حد الكمال، كان كل لون يرتمي في حضن لون يغنيه، ويبرز جمال رونقه، فكيف حدث كل هذا التّشظّي، فلم يعد أي لون في مكانه!
باتت اللوحة كأنّها في عمر تكويني جديد، ولكن أي تكوين هذا مع كل هذه الفوضى؟ تضاد في الألوان إلى حد النفور! كلّها تجتمع في زوايا حادة إلى درجة موجعة… أجل، مشهد يجعل كل نقطة من اللون فيه مبضعاً يحزّ العين، ويكمل طريقه نحو العمق، هناك حيث مركز اليقين.
لم تعد الريشة قادرة على فعل أي شيء مع كل هذه الفوضى، ولا حتى على تحديد أبسط المعالم فيها، ولا على تحديد ماهيتها، لا لون… لا مكان… لا زمان… لا حدود… ربما تنطبق عليها فقط كلمة “الوجع”، لأنه هو كل ما تثيره في النفس!
هل يمكن العودة إلى الوراء؟
هل يمكن التقدّم فنشهد تكويناً جديداً؟
أم هي لحظة انحسار لكل هذا؟!
ما الذي سوف يتشكّل؟ وأي لوحة ستتكوّن من رحم هذا التشظّي؟!
16/3/2015
عدد الزوار:2501