موقع إنباء الإخباري ـ
ماجدة ريا:
هو شهر شباط، يأتينا كل عام محمّلاً بعبق الذكرى…
منذ بدايته تهلّ علينا عشرة الفجر، ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في إيران، ويتوسطه ذكرى انتصار من نوع آخر، وإن كان امتدادأ لمثل تلك الثورة، ومولوداً من نواة فكرها المقدّس، ذكرى انتصار الدماء الزكية، وذكرى قادة تربّوا على ذاك الفكر الوقّاد، وثاروا ضد الظلم والإحتلال الغاشم للعدو الصهيوني في لبنان، فكانوا أعمدة في مسيرة المقاومة الشمّاء، عاشوا عظماء، ورحلوا عظماء، تاركين فينا الروح والوصية.
الثاني عشر من شهر شباط … ذكرى اغتيال الشهيد القائد الحاج عماد مغنية الذي ما زال دمه الشريف يؤرّق الصهاينة، ولا زال شعاع روحه في محراب النضال يحقق الإنتصار تلو الإنتصار، فقد قال لهم يومها سيد المقاومة، السيد حسن نصرالله حفظه الله “لقد ترك لكم عماد مغنية خلفه عشرات الآلاف من المجاهدين المدربين الجاهزين للشهادة” ، وفعلاً ها هم يملأون السوح بجهادهم وصدى انتصاراتهم.
ويأتي بعده السادس عشر من هذا الشهر، لتجتمع الذكرى مع الذكرى، وتبث فيها النجوى، ويتساءل المشوار الطويل لهذه المسيرة عن قادة صنعوا بدمائهم الزكية المسار، وحقّقوا بها الإنتصارات.
فالشيخ راغب حرب ما زال ماثلاً فينا، والسيد عباس الموسوي أيضاً، يتابعون معنا مسيرة المقاومة. من عليائهم، يشعّون نوراً، وفكراً ساطعاً، كلمات لا تموت مع الزمن، وعزيمة تزداد توقّداً وإصراراً. ومع اشتداد عواصف الشر، يبقون الفرقد الذي يرسم الدرب بكل وضوح، فلا نخيب ولا نيأس، بل نستأنس بأرواحهم التي تحيا فينا، فنمضي بثبات المجاهدين، الذين بدمائهم يخطون التاريخ الأبي لنهج الأمم، ويباركون الأرض بعسجد أجسادهم، وأرواحهم باقية فينا لا تزول.
نحن باقون هنا، نغلّف جدار الزمن بصبرنا، نبلسم جراح الأرض بعطائنا، نعيد ترتيب الزمن بأيقونات معبّأة بالنور، نصنع التاريخ، تاريخاً بطعم العظمة والكبرياء، وألحان الوفاء.
نحن أصحاب شعار ” انتصار الدم على السيف” المأخوذ من ملحمتنا التاريخية “كربلاء”، وعبر القرون من الزمن، يعيش الحسين (ع) فينا، ونحيا به، ومنه تعلمنا واستمرينا، فانتصر قادتنا بدمائهم المسفوكة غدراً على يد أعتى عدو في التاريخ، على يد الصهاينة.
فهم ولدوا يوم استشهدوا… ولدوا في كل واحد فينا، وكبرت دماؤهم، وكبرت معهم المسيرة، وامتدّت في كل اتجاه.
كلّما اغتيل قائد، كانت تفيض بركات دمائه الزكية على المقاومة فتجعلها أقوى، فنحن في مسيرة اغتسلت بدماء شهدائها، وكان من بركات هذه الدماء تحرير معظم الأراضي اللبنانية من الرجس الصهيوني، ورسم قواعد ردع يحاول العدو الفكاك منها دون جدوى، وبات أهالي الجنوب اللبناني والشريط المحاذي لفلسطين المحتلة ينعمون بالأمن والسلام، بعد معاناة طويلة من الإعتداءات المتواصلة زمن الإحتلال الصهيوني.
اليوم يقف الطفل الصغير على الحدود ليرمق أرض فلسطين ويطيل النظر نحو حلمه بالتحرير الكامل، وتبني الناس بيوتها، وتسير إلى أعمالها بكل أمن وأمان.
لكن الفكر الصهيوني لا يهدأ ولا يستكين، ويلتفّ علينا من ناحية الشرق، بافتعال الحرب في سوريا بغية تغيير وجهها المقاوم… محاولاً قلب المعادلة.
ولا تزال الحرب دائرة، تبشّرنا كل يوم بجديد، وتكبر التحديات في وجه المقاومة، والمقاومة تثبت أنها أكبر من كل تلك التحدّيات، وهي تحقق الإنتصار تلو الإنتصار، إلى أن يتحقق الانتصار الحاسم بإذن الله تعالى.
لا زال هؤلاء القادة العظام في رأس المسيرة، يحيط بهم الشهداء، تشعّ أنوارهم بركات، تضيء دروبنا الحالكة، تفتك بكل المؤامرات، فتزدان المسيرة بهذه الجواهر المتلألئة، التي كلما مرّ عليها الزمن، كلماً ازدادت سطوعاً وإشراقاً…
هم أسماء حفرت من نور على جبين التاريخ، وحروفهم علّقت جواهر على جيد الوطن، وستبقى أرواحهم أيقونة تحمينا من غدر الزمن.
أيّها القادة العظام، في ذكراكم قرّوا عينا، فما زلنا نحفظ الوصية: “الوصية الأساس حفظ المقاومة”، ونحن نقول لكم إن المقاومة هي روحنا ودماؤنا وكل الشرايين، والقلب إذا نبض فهو ينبض مقاومة، فتحية لكم وسلاماً، يا من قُدّستم مكاناً، وارتقيتم نورا يعشعش فينا ولا ينتهي، إليكم في عيدكم نهدي كل الإنتصارات.