حرت سيدي ولم أجد الكلمات… وقد بات الإحساس أكبر مني، وأنا أستمع إلى هذا الخطاب. وأي خطاب!
فصّلت وحلّلت ووضحت بأحسن ما يكون، وهذا ليس بجديد على خطابك الذي يعجز أمامه أي كلام، لكنني توقّفت كثيرا أمام المقطع الأخير، وأنت تبيّن سبب هذه الهجمة الشرسة التي تشنّ علينا في لبنان، وأن السبب هو موقفنا الواضح من السعودية، وتقول حملونا مسؤولية مواقفنا وحدنا…
انحدرت الدموع رغماً عني، ليس ضعفاً ولا وهناً ولا خوفاً من أحد، وإنّما ما قلته يا سيدي يقطّع نياط القلب، وأنت تتحدّث عن مظلومية اليمن، وعن غيره من المظلوميات، التي تعدّدت وسبب البلاء واحد، لا أحد يستطيع أن يقول له لا! والعالم بمعظمه في صمت مريب، العالم العربي والإسلامي والغربي والكل يشرى بالمال، مال يُفشي كل هذا الظلم في العالم ، والعالم يسير فيه بلا حول ولا قوة. …
يا إلهي… في أي زمن نعيش؟ الوحش الكاسر ينشب أنيابه في كل مفاصل بلداننا، ولا يجرؤ أحد في العالم على لجمه، بل هو يلجم العالم بماله إلا ما رحم ربي.
هنا تبرز مواقف الرجال، هنا المقياس، ومناصرو الحق قلّة، وأنت منهم يا سيدي، قلت موقفك بكل وضوح، وقلت حاسبونا وحدنا “نحنا قدها وقدود” .
نعم، نحن شعب لا يضام، ونحن أنصار الإمام، الذي انتصر بدمه على حد السيوف، ولا زال ينتصر.
هم يحاربوننا بحرب معلنة منذ 2005، ولكن ما كنا لنعلن مثل هذه المواقف إلا بعد أن أصبح السكوت غير مقبول، بعد أن بدأت الحرب المباشرة على اليمن، وكل الحروب المفتعلة هنا وهناك تدار من السعودية، التي تنشب نار الفتنة هنا وهناك…
ما عاد يصح السكوت، ويجب قول كل شيء بوضوح، وإن أدّى هذا الوضوح إلى مثل هذا الجنون، فقط لأن الرؤوس الحامية في النظام السعودي لا تطيق أن يرفع الصوت في وجهها، فهل لمن كانت هذه صفاته أن يتصرف بتعقّل؟ إذا كانت هذه أفعاله، وهذه مزاياه، فهل سيقبل بحصر المعركة مع أصحابها ومن هم أهل لها؟ أم أنّه كعادته يخبط خبط عشواء، يقتل، يدمر، يعبث، فهو والعدو الصهيوني صنوان، وقد باتا حليفين، لست أدري من تعلّم من الآخر فنّ الإجرام.
ها هو مجلس التعاون الخليجي يعلن موقفه الصريح اليوم ويعتبر أن حزب الله منظّمة إرهابية متّبعاً بذلك طريق العدو الصهيوني الذي يحدد ويصنف مع سيدهم الأمريكي، إنّهم في خندق واحد، ومشروع واحد، وهو القضاء على أي نهضة أو تقدّم عربي، وإذا كان الغرب المستعمر يرى في ذلك مصلحة له فهذا طبيعته وهذه فطرته، ولكن ماذا عن منتحلي صفة العروبة، ويدّعون أنّهم عرب، هؤلاء الأعراب المتصهينون هم الوباء الذي يجب أن يحارب، هم الخطر الأكبر، هم العابثون بدماء الأبرياء، هؤلاء الأعراب المتسلطنين الذين يذبحون العرب والعروبة بعمالتهم، ووسخ أفكارهم التي هي أسوأ من العدو الحقيقي.
لطالما أضمروا العداء نحو أي تقدّم عربي أينما وجد، وكانوا الحربة الأولى للقضاء عليه، لأن مستوى عقولهم لا يرقى لمرحلة التفكير البنّاء، فهو مبرمج على الهدم، ويطورون فكرة الهدم هذه لتصبح فتاكة، حتى باتت آلة إجرامهم سفاّحة أكثر من العدو الصهيوني، وما عاد يحتاج هذا العدو لأن يحارب، فهناك من يدمر البلدان العربية، ويقتل النساء والشيوخ والأطفال، ويشنّع بقتل الرجال بأنياب ملوثة غير عابىء حتى بأدنى الشروط الإنسانية، ولا أبسط الحقوق البشرية، فقد تجاوزوا كل الحدود ببغيهم وعهرهم، وبات كل ما يقال قليل أمام تجبرهم وتغطرسهم، ولكن إن نسوا أن الله هو الجبار فوق كل متجبر، وهو القهّار فوق كل قاهر، وهو المتعال فوق كل متغطرس فإن الله لا ينسى، وإليه مرجع الأمور.
نحن لا نهاب بأسكم وتجبّركم والله معنا، وهو ناصرنا بإذنه تعالى.
ماجدة ريا
عدد الزوار:2023