وغفت الزهور في حضن العاصفة! فقد حان وقت السبات.
الهواء قارس، يهدهد أوراقها بقسوة، تتمايل يمنة ويسرة، تناضل من أجل البقاء.
هو التّعلق بالحياة يجذبها، فتتحدّى الرياح.
قرّرت أن تستكين محتفظة بقوتها كي لا تنكسر.
أحاطت نفسها بهالة الضوء المتبقية، وجعلتها درعاً يحميها إلى أن تعود إلى الحياة من جديد.
إنّه زمن الأعاصير، الطيور هاجرت إلى مكان دافىء، تسعى إلى رزقها، وإلى استمراريتها، وبقيت الأزهار متشبّثة بأرضها، حتى إذا ما كُتب عليها الرحيل، تعانق حبّات التراب، تشتمه بحب، وتغفو غير عابئة بأي شيء.
حبّات المطر هي الأنس الذي يروي ظمأها للحياة، تنسكب عليها لطفاً وحناناً، ولا تزال الشمس تطل عليها من حين إلى حين.
يا لغيوم تشرين الآتية من البعيد، رمادية، عابسة، مكفهرّة الوجه، تصفع حياة الطبيعة بقسوة، فتقتلع ما تستطيع منها، تعرّيها من نضارتها، لكنّها لا تستطيع أن تكسر ذلك الشموخ الذي يتطاول ليبلغ السحاب. أثبت أيها الإنسان… فبإرادتك تبقى منتصب.
كل شيء يتلوّن بين أبيض وأسود، والأقسى على النفس، هو ذلك اللون الرمادي الذي يقتحم الأشياء فيجعلها غير واضحة المعالم حتى وإن كانت موجودة.
لا تسبح فيه كثيراً، بل اتجه دائماً ناحية النور لأنّه الحياة؛ فالغيوم الداكنة ليست ثابتة، وإنّما تسير وترحل، وحتى أثناء وجودها تتباعد فيما بينها لتنفرج منها فسحات الأمل.
دائماً هناك بقعة ضوء، وما علينا سوى التدقيق فيها لتنجلي الرؤية.
ماجدة ريا _ الأربعاء 2/11/2016
عدد الزوار:1602