نحيا بالشهيد، والشهيد يحيا فينا.
رغم مرور السنين، ما زالت دموع العاطفة والشوق تترقرق في عيون الأحبة، يتحدّث الواحد منهم عن شهيده، فتشعر أن روحه تفيض بين يديه، وكأنّه فارقه للتو.
لله درّكم أيّها الشهداء، أي أثر تركتموه في النفوس، فلا ينطفىء جمر الفراق، حتى لكأنّه في الروح سكناكم، فما غادرتموها أبدا.
يغادر جسد الواحد منكم هذه الدنيا الفانية، ويعتلي عرش الملكوت، ويترك بصيص عينيه نوراً يشع على محبيه، شوقاً حيناً، وبرداً وسلاماً حيناً آخر، ألماً على الفراق، وعزاً وافتخاراً بالدماء التي تخطّ درب الإنسانية، وتمنح الدروب إشراقتها الأصيلة.
الكلمات فيكم، ليست شعراً، وإنما إحساس يتمرّد على النفس في كل حين، يجعلها تبحث عنكم في كل مكان، في كل أثر، في كل شيء، لنكتشف أن نور وجودكم هو الوجود، وأن الخلود استنار بكم، فتمجّد الخلود.
هذا أب يتلمس ابنه الشهيد في كلماته فيذوب فيه، وهذه أم ترتجف حنيناً أمام أزهار عمرك القصير بقياس البشر، عمر هو أطول من كل الأعمار، هو الحياة بعينها.
وهذه زوجة تسألك هل أدّت الأمانة في أولادك؟ وتنتظر الإلتحاق بك بشوق إلى عالم الملكوت، وهذه طفلة كبرت والحنين يملأ قلبها لركن وجودك المضيء، وإبن حمل أمانتك ومضى يبحث عنك في الدروب الموصلة إليك، ولسان حاله يقول أنا على نهجك يا أبي، أمضي بكل ثبات. بستانك الذي زرعته أزهر، وأينعت فيه الثمار، والعمر يمضي والسنون، ودنيا ما زالت تتأرجح بنا في طرقات الحنين، وسلام العابرين.
يا أيها الشهيد خذ من روحي نبضاً، وهبني الحياة.
ماجدة ريا
عدد الزوار:1686